languageFrançais

سيلاوي في مهرجان الحمامات..حين يُغنّي الجيل لنفسه

أطلّ الفنان الأردني ذو الأصول الفلسطينية حسام سيلاوي على جمهور مهرجان الحمامات الدولي في دورته التاسعة والخمسين، ليقدم أول حفل له في تونس، وسط شبابيك مغلقة وحضور استثنائي غلب عليه جيل الشباب والأطفال.

منذ اللحظة الأولى، بدا أن سيلاوي لم يأتِ ليؤدي عرضًا عابرًا، بل ليؤكد حضوره كصوت يعكس هموم جيله ونبض مشاعره.

سيلاوي على الركح: لغة جديدة ووجوه جديدة

افتتح سيلاوي السهرة بأغنيته الشهيرة "الفي"، وسط تصفيق حار وهتافات حماسية من جمهور بدا مختلفًا عن جمهور المهرجان المعتاد.

أعمار تتراوح بين 10 و20 عامًا، أغلبهم من المراهقين والفتيان، وكأن المسرح تحوّل إلى مرآة لجيل يتوق إلى صوت يُشبهه، ويقول ما يعجز عن قوله.

"أنا أخاطب جيلي، وأفهمهم كما يفهمونني"، هكذا يمكن تلخيص علاقة سيلاوي بجمهوره، علاقة تقوم على الصدق، والبساطة، والاقتراب من تفاصيل الحياة اليومية بلغة عاطفية مباشرة.

من الغرف المغلقة إلى المسارح المفتوحة

ما يميز تجربة سيلاوي هو انطلاقته غير التقليدية. فبينما أُجبرت الملايين على الانغلاق خلال جائحة كورونا، كان هو يفتح نافذة موسيقية جديدة عبر المنصات الرقمية، ليصبح صديق العزلة ورفيق اللحظات الصامتة لدى آلاف الشباب العرب.

وفي تحيته الأولى للجمهور التونسي، قال على الركح: "عسلامة تونس، شكراً لهذا الشعب العظيم... فخور أن أكون بينكم."

موسيقى بأقل الأدوات وأقصى التأثير

رافق سيلاوي على المسرح فريق موسيقي صغير مكوّن من أربعة عازفين: قيتار، أورغ، درمز، وقيتار إلكتروني، إلى جانب مهندس صوت يشرف على ضبط الإيقاع العام.
ورغم بساطة التكوين، قدّم عرضًا مشحونًا بالعاطفة والطاقة، متنقلًا بين أشهر أغانيه، ومنها: "جميلة"، "غريب بلاد"، "عشانك"، "لما تكوني"، ، و"محكمة الدنيا"...

وبعد ساعة ونصف من الغناء المتواصل، أعلن انتهاء الحفل، لكنه عاد بسرعة ليؤدي أربع أغنيات إضافية بطلب من الجمهور، واعدًا الحاضرين "لم نكن مستعدين للأغاني القديمة، لكن أعدكم أن أجهزها في الحفلة القادمة."
ورفع في ختام الحفل شعار النصر مردّدًا "Free Palestine"، في لحظة مؤثرة امتزج فيها الفن بالموقف، والغناء بالانتماء.

"في تونس، أنا بين أهلي"

خلال الندوة الصحفية التي تلت الحفل، بدا سيلاوي مرتاحًا وممتنًا، قائلاً "لم أشعر أنني ضيف في تونس، بل بين أهلي وناسي."

وعن سر نجاحه السريع، أوضح أن المسيرة لم تكن سهلة "لم يكن النجاح فجائيًا، بل هو مسؤولية تراكمية. الأغاني لم تُكتب لتُعجب فقط، بل لتُحسّ وتُفهم."

وعن طبيعة جمهوره، قال "النساء يشكّلن النسبة الأكبر من جمهوري... لأنهنّ أكثر تفاعلًا مع الكلمات وأكثر قدرة على الإحساس بها."

كما عبّر عن رغبته في التعاون مستقبلاً مع فنانين تونسيين، مشيرًا تحديدًا إلى صابر الرباعي ونوردو، قائلاً "يشرفني أن أعمل مع أصوات تونسية بهذا المستوى."

سيلاوي.. أثر لا لحظة

لا يسعى حسام سيلاوي لأن يكون نجمًا عابرًا في سماء الشهرة الرقمية، بل يسعى لترك أثر موسيقي عاطفي وإنساني ممتد.

في عالم سريع التبدّل، يبدو أن هذا الفنان الشاب قد اختار أن يُراهن على الصدق، لا على الصيحات المؤقتة.

وفي هذا الحفل، أثبت أن موسيقى الجيل الجديد يمكن أن تكون صادقة، عميقة، ومؤثرة، دون أن تفقد بساطتها أو تفاجئ جمهورها.

*صلاح الدين كريمي